الشريط

السبت، 19 نوفمبر 2011

الإمام الحســين في وجدان الثورات الإسلامية




الإمام الحســين في وجدان الثورات الإسلامية 

وحدة المسلمين ورعاية المصلحة العامة لا تتنافى مع النهضة الحسينية كما يدعي  البعض، فقد كان الإمام (عليه السلام) وحدويا ومحافظاً على المصلحة العامة والخاصة للمسلمين وللدين الإسلامي ، ولكن لا يعني ذلك الركون للحكام  الظالمين والفجرة الفاسقين ومداهنتهم والسكوت عنهم بل يجب عزلهم ومقارعتهم وكذلك فعل الإمام الحسين عليه السلام  ،
نعم وحدة الإمام الحسين هي سلم لمن سالم وامتثل للضوابط الإسلامية الشرعية وألتي أُنزل تبيانها  على قلب الخاتم رسول الأمة (محمد صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يخرج عن هذه الضوابط الإسلامية وجب عدم مداهنته ومبايعته على الظلم ولكي نمنحه الحق الشرعي للتسلط على رقاب العباد والإفساد في البلاد بحجة المهادنه والحفاظ على الوحدة وغيرها من أسباب واهية لا تمت للدين الإسلامي بشيء  فذلك مخالف لنواهي الله سبحانه وتعالى ، فذلك خروج على صريح القرآن وواضح التبيان في ذلك .

إن نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) والمصلحة الإسلامية
 من ثوابت الشريعة والمنهج السياسي الإسلامي الصحيح ، بغض النظر عن أحقية الأمام الحسين عليه السلام بالحكم والخلافه فنحن نجزم يقيناً بأحقية الإمام الحسين بالحكم والخلافة والولاية ، ولكن كما تقتضي القاعدة العامة الشرعية وجب  أن يكون الإمام أو الخليفة أو الحاكم الإسلامي فقيهاً عادلاً كفؤاً في تدبير الأمور، وهذا الأمر محل إتفاق علماء الشيعة وأغلب علماء أهل العامة، وبالذات العدالة، فانّها شرط أساسي، وخصوصاً إذا كانت الأمة قادرة على الإعتراض وإبداء الرأي، وعلى هذا الأساس فانّ تولي الفاسق وتسلطه على رقاب المسلمين خلاف للمصلحة الإسلامية، لأنه لا يسعى لتقرير المفاهيم والقيم الصالحة في الواقع، ولا يكون المتولي حريصاً على مصلحة الإسلام العليا، ومن هنا ينبغي عدم الركون لمثل هذا الحاكم وتبديله بغيره، والتبديل محل إتفاق أغلب المسلمين، ولكنّهم إختلفوا في أساليب التبديل والعزل من حيث تأثيراتها على الأوضاع العامة، وخصوصاً في مسألة إراقة الدماء.
ومن هنا فأنّ خروج الإمام الحسين (صلوات الله عليه) على الحكم الأموي ينسجم مع المفاهيم والقيم التي تدعو إلى عدم الركون للحاكم الجائر أو الحاكم المعلن بالفسق، ناهيك عن المعلن بالكفر أو الظالم الذي إستباح الدماء وأمعن في أذية العباد ، فليس من المصلحة العامة  بقاء مثل هذا الحاكم، أو ليس من المصلحة السكوت عن جرائمه وأعماله الإنحرافية.
والإمام الحسين (عليه السلام) حينما قاد نهضته المباركة، أراد تغيير المفاهيم والقيم الجاهلية التي أعادها الحاكم الأموي في عصره، وأراد ايقاف إنحراف الحاكم عن الإسلام عقيدة وسلوكاً، وقد أعلن عن فسوقه صراحة كما ورد في جملة من المصادر.
وبقاء الحاكم الجائر والفاسق يؤدي إلى خلق الفتن وإضطراب الصف الإسلامي، ومن هنا تحرك الإمام الحسين (صلوات الله عليه) لإصلاح الأوضاع، وقد صرّح بذلك في وصيته الخالدة: "وانّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب النجاح والصلاح في أمة جدّي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي محمد وسيرة أبي علي بن أبي طالب" (عليهما السلام).
فقد تحرك الإمام حينما أغلق يزيد جميع منافذ الإصلاح وجميع الخيارات السلمية، فخيّر الإمام بين البيعة له أو القتل، فإختار القتل، لكي يكون دمه ميزاناً في تبيان المفاهيم والقيم الإسلامية السليمة.
وقد بيّن الإمام انّه لم يخرج للشقاق، وهذا ما جاء في جوابه لعمرو بن سعيد بن العاص: "ان كنت أردت بكتابك برّي وصلتي، فجزيت خيراً في الدنيا والآخرة، وانّه لم يشاقق من دعى إلى الله وعمل صالحاً وقال: انني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله".
وقد بين الإمام للجيش الأموي موقعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وانّه أحد الثقلين، وانّه من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وأنه إبن بنت رسول الله الأوحد في ذلك الوقت ، ونهاهم عن الإقدام على قتله، وخوّفهم الله تعالى، إلا انهم رفضوا ذلك النصح وأبوا إلاّ قتاله أو الإستسلام لهم، لإرساله إلى يزيد ليبايع  ، ولكن هيهات من أبي عبد الله الحسين عليه السلام  أن يبايع فاسق فاجر مثل يزيد ومن لف لفهم  ، وإن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يعطيهم إعطاء الذليل ولا خنوع العبيد  ،  وفي معركة كربلاء إنتصر دم الإمام الحسين عليه السلام على سيف الطغاة الفجرة  وبقي ذكر وإمتداد الإمام الحسين الى هذا اليوم في وجدان الامة الإسلامية وأما ذكرى يزيد إبن معاويه فإلى مزابل التاريخ .
فالمطلوب من الأمة الإسلامية النهضة والسير على منهاج الأمام الحسين عليه السلام وواجب عليهم عدم الركون للحكام الظالمين وإنه من ثوابت الإسلام مقارعة الظالم بشتى الوسائل لأن البقاء على حكم الظالم مخالف للشريعة الإسلامية ومساعدته لإشاعة الفساد وواجب على الأمة أن تنتفض من الذل ومن تسلط الحكام على رقابهم ومقدراتهم وليكن لنا في أبي عبدالله الحسين إبن علي إبن أبي طالب عليهما السلام  وثورته المباركة ضد الفسقة والفاجرين الكفره أسوة حسنه وعنوان ننطلق منه لتخليص الدول الإسلامية خصوصاً من ظلم الإستبداد والدكتاتوريين والذين يحكمون بلاد الإسلام بظاهر الإيمان ويبطنون الكفر والفسوق والمحرمات فلقد بزغ فجر الحرية والتحرر من الإستبداد السرمدي وإن هذا الفجر سوف يتحول نهاراً مشعاً قريباً بإذن الله.

 بقلم / د. علي الهاشمي


Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة