أيا حاكم البحرين..لاتظلمن إذا كنت مقتدراً فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم
إن السجن كما أنه تقييد للحرية وظلم للنفس البشرية، إلا أنه مدرسة عظيمة للمظلومين والمسجونين ظلماً وعدوانا، يتعلم فيها الإنسان أخلاقيات الصبر والقوة والصدع بالحق ومقارعة الظالمين مادام حيا. فليل الظلم ينقضي مهما طال وشمس الحرية لابد لها من الشروق وتبديد ظلام الخوف وإزاحة الرعب ، ويبقى هؤلاء الرموز المعتقلين في السجون مشاعل نور يحتذى بهم للوصول إلى بر الأمان ويبقون المحرك الرئيسي لشعلة التغيير وبناء العدل والعدالة.
فمثال لواقعنا الحاضر وليس ببعيد عنا على سبيل المثال لا الحصر نيلسون مانديلا قضى في السجون 28 عاماً ظلماً واضطهاداً وتعسفا، ولكنه بعد ذلك أصبح رمزاً كبيراً للحرية والتحرر من عبودية الإنسان لأخيه الإنسان في العصر الحاضر، وأعطى للعالم كله درسا في أن ليل الظلم وان طال فإن صبح العدل لابد آت.
ولسجن القادة الرموز في البحرين وقتل الشهداء وإزدياد النظام الحاكم للبطش بالعباد وتكميم الأفواه ، آثاره النفسية والسلوكية على المجتمع بكامله. فهو ينمي الكره للحاكم ونظامه، كما ينمي الثورات والثأر ومفهوم القصاص ومشروعيته. فالشعور بالظلم يجتزئ القلب والعقل ويجعله يميل إلى حب حساب الظالم وحب تطبيق سنن الله الكونية (السن بالسن والعين بالعين وكما تدين تدان).
وهذا يعني انه كلما ازداد هذا النظام القمعي في البحرين ظلماً وبطشاً عبر قتله للناس في الشوارع بدم بارد وعبر زجه للنساء والأطفال والرموز قادة المعارضة إزداد إصرار الشعب بأكملة على إسقاط هذا النظام الفاسد ، وبدء الغليان في قلوب الطامعين في الحرية والتحرر من طاغوت الظلم في إزدياد فقلوب الثوار في شوارع البحرين باتت كقاع جهنم تستعر على ظلم هذا النظام الذي طالت أيادية الشيطانية كل صغير وكبير، ويكاد لا يكون بيت في البحرين يخلو من آثار ظلم هذا النظام الفاسد .
يعني أن الحاكم مهما بلغت قوته وعظم جبروته وقوة قبضته الأمنية أو الحديدية سمها ماشئت ، فإن قوة المظلوم أنكى وأعظم وأدهى، لأن معها قوة الله عزوجل ومؤيدة بقلوب الناس ومشاعرهم وجميع الشعوب المتحررة . والأمثلة على هذا كثيرة وواقع الدول العربية في هذه الأيام يشهد بذلك.
فهاهو العقيد المغرور معمر القذافي والذي كان يشتهر بما يسمى القبضة الحديدية وتتغنى وزارة الداخلية في ليبيا بأنها أقوى من الشعب في الجانب الأمني يسقط بين ايدي الثوار والمضحك المبكي حينما وصف شعبه بالجرذان هاهم اليوم يخرجونه ذليلاً من مصب المجاري مختبئ كما تختبئ الجرذان وكأنه لم يكن ذلك الشخص المغرور يوماً والذي كان يطل على جمهوره عبر شرفة منزله ويصف شعبه بقوله (من أنتم) ؟
وقد يكون سقوط الفرعون حسني مبارك وزمرته درساً لمن ظن بأنه مخلد في هذه الحياة الدنيا وظن بأن كرسي الحكم قد ورثه من أبويه وهو حكراً على نفسه وأبنائه شياطين المجتمع هاهو الفرعون وزمرته الفاسدة يحاسبون ويحاكمون بعد أن أشاعوا الظلم في ارض مصر الكنانه ، فكأن القصاص هو القضاء العادل فيهم. وغيرهم من عملاء الغرب والذين سحقوا الشعوب وجثموا على صدور البريه عقود طويلة جداً نهبوا من خلالها الشعوب ومقدراتهم وهم في قصورهم منعمين طامعين في خلد البقاء والحياة السرمدية فبات أيضاً سقوط طاغية اليمن وشيكاً بعد تخلي أسياده الغرب عنه كما رأينا ماحدث في مجلس الأمن وطلب الأعضاء منه وبالإجماع التنحي فوراً عن السلطه .
إن النظام في البحرين لابد له إن بقى له في العقل بقيه أن يأخذ الدروس والعبر من غيره، ويلتمس أسباب السقوط للدول ويتجنبها، وكلما اقترب من شعبه أكثر وغير وأصلح وبدل ظلمه كان ضماناً له لعدم تكرار ما أصاب القذافي وفرعون مصر وطاغية تونس ومجرم العراق .
وليس أحد أحق بمراجعة النفس أكثر من الحاكم نفسه وخصوصاً في البحرين ، ولأن الناس باتت تكرهه وتطالبه بالرحيل ، فوجب عليه أن لا يستصغر قدر الشعب فإن الشعب إذا ثار وخرج عن بكرة أبيه فلن تردعه دروع العالم وليس درع الجزيرة ، ولابد من تذكير حكام البحرين وبقية الحكام في العالم .. فالحقيقة التي لا مفر منها أننا زائلون وفي الجنة أو النار مخلدون ومن لم يقتص منك في الدنيا، فإقتصاص الآخرة اشد وأمّر، ولا يغرّنك إمهال الله لك فإن أخذه قوي شديد ولا تغتر بقوتك وبطشك ولله القوة جمعيا إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ.
فيأيها الظالم هل فكرت يوماً أنك إن لم تسقط بشعبك فإنك بالموت ساقط ٌ؟؟
فحينها لن تنفعك الأموال التي كدستها ولا جيوشٍ دربتها بل ستكون حسرات عليك ولن تحميك حصونك وقصورك فقد ورثها بنيك وإعلم بأنك أتيت للدنيا محمولاً وإنك سوف تغادرها محمولا شئت أم أبيت ، وتذكر قول الله عز وجل:
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ