شبح عمرو إبن العاص يتلبس لجنة بسيوني
يقال في وصف المخادع : إنه متلون الوجه، كثير الدهاء ،
هو من يستخدم القانون لكي يقلب الموازين لصالحه، وهو شاطر في رفع الشعارات البراقة لإقتناص الفرص وكسب النفوذ أحياناً والأحيان الأخرى لكسب الرأي الآخر والتعاطف وشاطر في إختيار الألوان الناصعة ليبدوا كحمامة السلام ،وقيل أنه قد يستطيع إقناع الآخرين بفكرة أو بوجهة نظر قد تكون في الأساس خطأ وكذب محض ولكن لشدة تلونه وتقلبه وإتقانه رص صفوف الكلمات وإستخدام التعابير اللفظية المنمقه وحتى الجسديه إن تطلب الموقف قد يمرر على بعض النبهاء من الناس الخدع والحيل والكذب مغلفاً و معبأً بمواد القانون الوضعي .
والمتأمل في تاريخ الأمم الماضية نجد الكثير من هؤلاء وتكاد لاتخلوا حقبة زمنية من دهاة المخادعين بشتى الأشكال ومختلف الأعراق ، وتتلمس هذه الشخصيات واقعاً في بعض الروايات فعلى سبيل المثال في قضية التحكيم الشهيرة بين أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب عليه السلام وبين معاوية إبن أبي سفيان حيث إنتدب أهل الكوفه أبوموسى الأشعري وإنتدب معاوية إبن أبي سفيان عمرو إبن العاص وهو أحد دهاة العرب الخمسه المشهورين على حسب ماجاء في كتب التأريخ وبعض كتب تراجم الرجال ، فإستطاع عمرو إبن العاص بدهائه المشهور والذي مرره مستخدماً آيات القرآن الكريم كغطاء لتزويره الحقائق وخداع إبي موسى الأشعري وظن معاوية إبن أبي سفيان مخطأً بأنه كسب الجوله وإستطاع تمرير كذبه على الناس بلجنة نزيهه مثل لجنة عمرو إبن العاص وإبو موسى الأشعري .. الى بقية القصة المشهورة ..
فوجه المقارنه هنا مع لجنة بسيوني والتي تم إنتدابها من ملك البحرين للتحقيق في جرائم إرتكبتها الحكومة نفسها لا يختلف كثيراً عن لجنة عمرو إبن العاص.
فلقد إستقدم ملك البحرين لجنة تقصى الحقائق الملكية المدفوعة الاجر مسبقاً من ميزانية الدولة ، للتحقيق في جرائم إرتكبتها أجهزة الدوله نفسها أمراً ليس بمقبول لا شكلاً ولا مضموناً ..
وقد يسأل أحدهم لماذا تصدرون مثل هذه الأحكام مسبقاً على هذه اللجنة ولماذا توجهون لها أصابع الإتهام وهي لم تخلص إلى تقريرها النهائي بعد ؟ ، والذي قد يحمل في طياته بصيص أمل للشارع البحريني بإدانة من طغى عليهم وظلمهم وقد تحمل سطورة تبرأة ساحة المعارضة من الكثير من التهم التي لفقتها لها الحكومة وقد يأتي منصفاً لعوائل الشهداء وضحايا التعذيب واليتامى والأرامل وقد يكفكف دموع الثكالى ويجيب عن تساؤلات الحيارى، ويضع الأمور في نصابها الصحيح بتعويض المتضررين والذين تم فصلهم من أعمالهم أو إغتصابهم في السجون أو سرقة أموالهم من قبل مرتزقة وزارة الداخليه أو الذين تم سلب كرامتهم ليلاً نهاراً في الشوارع أو نقاط التفتيش أو محاسبة وزارة الإعلام البحرينيه المتسببه الأولى في تأزيم الوضع وفبركة المسرحيات الهابطة طيلة هذه الفترة أو...أو... والقائمة جداً طويلة.
نقول له إننا رمينا لجنة تقصي الحقائق الملكية والتي يرأسها السيد بسيوني بالشك وذلك عبر تتبع وقراءة تصريحات السيد بسيوني وتقييد هذه اللجنه بالتحقيق في جرائم وإنتهاكات شهري فبراير ومارس الماضيين فقط رغم وقوع العديد من الإنتهاكات للمواطنين بعد هاذين الشهرين ووقوع الكثير من الشهداء في الأيام القليلة الماضية والذين لانعلم هل سوف يتضمنهم هذا التقرير المزعوم أم لا ؟ وكذلك الظروف التي تم إستقدام هذه اللجنة فيها ومن دون مشورة أحد من أقطاب المعارضة أو على الأقل التوافق عليها شعبياً ، ومؤخراً ماتم نشره عن هذه اللجنة من فساد وسهرات وولائم وليالي حمراء ..!
إن في إختيار هذه اللجنة بالتحديد وأفرادها و مايشاع عنها من نزاهه عالمية ونزاهة عملها السابق في بعض من المهمات التي أوكلت إليها في تقصي الحقائق مغزى بعيد المدى وفي إختيارها حنكه ودهاء سياسي إذ إن هذه اللجنة حققت في قضايا سابقة مهمه جداً ، ولقد تم الإعتراف بتقاريها والطاعن فيها الأن سوف يجره ذلك للطعن في تقاريرها السابقة في بعض الدول وذلك الذي لن تسمح له الأمم المتحدة ومن له بعض المصالح في تقاريرها السابقه أن يحدث ، إختصار القول هذه اللجنة تحوز على رضا الإدارة الإمريكية وبعض ممن لديهم مصلحة في تقاريرها ولن يسمحوا بالطعن فيها .
ليس ببعيد قد صرح السيد بسيوني لأحدى وسائل الإعلام وسرب لهم بعض من الأمور والتي من المفترض أن لا تخرج من هذه اللجنة قبل أن تخلص الى التقرير النهائي فكان واضحاً إتهامه للأطباء وإحتلالهم لمستشفى السلمانية وميوله الواضح لإتهام الكادر الطبي والذي هو ليس بصحيح البته.
وقبل أيام مضت صرحت الإدارة الإمريكية بأنها تحث الحكومة والسلطات البحرينيه بتنفيذ كل التوجيهات التي سوف ترد في تقرير لجنة بسيوني فور تقديم الأخير تقريره للملك..! وهنا يستدعينا هذا التصريح من الإدارة الإمريكية للتوقف قليلاً ، كيف للإدارة الإمريكية التصريح بمثل هذا الكلام والذي جاء يحمل صفة الأمر للحكومة البحرينيه وهي لا تعلم بعد بمحتوى التقرير إذ إنه من المفترض أن يكون هذا التقرير سري للغاية حتى يُسلم الى الملك ؟ فالجواب والذي لا يحتاج لقرينه بأن الإدارة الإمريكية على علم مسبق بمحتوى هذا التقرير بكل تفاصيله والذي لن يدين السلطات البحرينيه تلك الإدانه التي من شأنها تكسبها العار أمام الرأي العالمي
ولكنه سوف يأتي بشكل إنشائي لا يفيدك لابحق ولا بباطل أي بشكل مخادع للرأي العام ومحاولة لتخدير الشارع البحريني ببعض الإدانات على إستحياء للحكومة البحرينيه ، ولكنه سيوجه نفس الإدانات للمعارضة البحرينيه بذلك يكون تقرير لجنة السيد بسيوني حقق تكافئ في المعادلة وطبق نظرية العدالة للجميع .
ولا نغفل عن تصريح وكالة أنباء البحرين بأن البحرين تعد لإحتفالات على مستوى البلاد سوف تقام في نفس يوم تسلم التقرير النهائي من هذه اللجنه وهو تاريخ 30 أكتوبر وهذا أيضاً يفتح أبواب الشك على مصراعيها ، إذ كيف للحكومة أن تعرف بخلاصة هذا التقرير ومالذي دعاها لإقامة إحتفالات رسمية بالبلاد في نفس يوم تسلم هذا التقرير ؟
فيأتيك الجواب منطقي وبديهي.. أن الحكومة تعلم بمحتوى التقرير وكل شارده ووارده فيه كيف لا وهي من نسق هذا التقرير وهي من عين هذه اللجنة وبالإتفاق مع الإدارة الإمريكية سوف يعلن هذا التقرير والذي سوف تصب نتائجه في صالح الحكومة ويدين المعارضة والثورة البحرينيه وتسريبات السيد بسيوني الأخيرة تدل على ذلك فهو قد إتهم المعارضة والثورة البحرينيه ضمناً بأنها معارضة وثورة طائفية ولمح لإحتلال الأطباء مستشفى السلمانية الطبي .. ولا يخفى بأنه وللحفاظ على ماء وجه هذه اللجنه والتي هي غارقة في البحرين سوف يدين بعض من جلاوزة النظام ولابد للحكومة من كبش فداء لتعبر عليه بسلام وأتوقع بأنها هيأت ذلك الكبش ...وهو جاهز للفداء .. فلن نختلف كثيراً عن زمان معاوية أبن أبي سفيان ولجنة عمرو إبن العاص فلقد تبدلت الأزمنة وقد تقلبت الوجوه ولكن يبقى المضمون واحد ...فلا نقول إلا .. ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا وتأتيك بالأخبار مالم تزود.