الشريط

الاثنين، 7 مايو 2012

الفرق بين الثائر والمتمرد .. وحتى لانفشل !






الفرق بين الثائر والمتمرد .. وحتى لانفشل !



قد يظنّ الناس أن المتمرّد هو الثائر وأن الثائر هو المتمرِّد
قد يظنّ الناس أن لا فرق بينهما وأن معنىً واحد يشمل كليهما
لكن المسافة بين المتمرّد والثائر هي مسافة شاسعة كبيرة
فالثائر كلمة انحدَرَت من الثورة ... الثائر جزء من عالم سياسي ... يرى إمكانية حدوث التغيير من نافذة السياسة ... يرى أن تغيير النظام الإجتماعي كفيل بتغيير الإنسان
المتمرِّد يجري تحت سماء الروح ولا ينظر للحياة من نافذة سياسية إجتماعية. المتمرِّد يبحث عن الفرد، عن الإنسان، فحتى أغيّر العالم عليّ أن أفعل شيئاً واحداً وأضعه في الحسبان: تغيير ما بنفسي... أن أغيِّر نفسي،يقول الله عز وجل :

( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )  -الرعد11
تغيير ما بالفرد كفيل بتغيير حال المجتمع وليس العكس. فالمجتمع ككيان لا وجود له... لا وجود للحشود والجماهير ككيان في أي مكان، فأينما ذهبْت لتلقى أحدهم فإنك سوف تلاقي الإنسان، الفرد لا الحشد والجماعات. المجتمع هو مجرّد إسم جماعي، مجرّد عنوان لكيان ليس له مكان.
أما الإنسان... فالروح تسكن الإنسان، والروح من أسرار الله ونوره المجيد... هذه الروح موجودة في كل مكان، كل كائنات ومخلوقات الأكوان... ومع الإنسان أصبح تطوّرها أمراً نضعه في الحسبان... الروح في الإنسان بدأت رحلة وعيها لتتجاوز الزمان والمكان، لتتحوّل وترتقي وتسمو...
المسافة بين المتمرّد والثائر هي مسافة شاسعة كبيرة لا يستوعبها خيال
ولا لقاء بينهما ... فأحدهما في الوادي والآخر من على قمم الجبال

المتمرّد يُبلوِر لنا رسالة وجوهر ولبّ كل الأديان. بدون المتمرّد يستحيل أن يكون لعلم الأديان مكان... يأتي المتمرّد حاملاً معه من عالم الحق رسائل يفوح منها عبق التغيير، تغيير وتحويل ما بنفْس وطاقة وداخل وأعماق الإنسان. هذا التغيير حين يسلك دربه الإنسان كفيل بتغيير النظام الإجتماعي، بتغيير العالم بتلقائية وعفوية دون ثورات ولا حروب ولا عدوان.
قد لا نحتاج لثورات... فالتاريخ يشهد على فشل الكثير من الثورات فهي لم تنجح في تغيير وتحويل ما بداخل الإنسان. لم تنجح في تطهير الإنسان وغسْله بالماء والثلج والبرَد. هذه الحقيقة لم تلفت انتباه هذا الإنسان فتمادى تفكيره في صنع الثورات وتغيير المجتمعات والحكومات، القوانين والأنظمة السياسية. من الإقطاعية للرأسمالية للإشتراكية وللفاشية... جميعها أنظمة سلكَت مساراً ثورياً... لكنها فشلَت جميعاً، فشلَت فشلاً ذريعاً لأن الإنسان لم يتغيّر وظلّ على ذات الحال... وعيه لا يزال في أدنى الأحوال.
والثائر ليس بإمكانه أن يمشي دربه وحده كما يمشي المتمرّد دربه... المتمرّد يمشي دربه ورفيقه أنيس الطريق وأعلى رفيق... رفيقه أقرب إليه من حبل الوريد فيه وفي كل مكان ينير له الدرب ويُبعد عنه وحشة الزمان. أما الثائر فللحشود والجمْع محتاج، لفريق أو حزب سياسي، لحكومة من ضمن الحكومات. الثائر يحتاج السلطة، يحتاج القوة وإلا فكيف له أن يفرض نظامه الجديد على أنقاض النظام القديم؟ ولكن القوة تُفسد الإنسان. و السلطة المستبده خراب ودمار للإنسان... أما السلطة المطلقة والقوة المطلقة فكلاهما يقتل الإنسان.

يشهد التاريخ كيف أفسدَ حب السلطة والأنانية جميع الثورات... جمعيهم لم يفلحوا في تغيير السلطة ومؤسساتها، بل السلطة هي من غيّرَتْهم وأفسدَتهم... وبهذا يأتي ثوار ويرحل آخرون... تختلف الأسماء بين عهد يزول وعهد يهمّ يومه بالبزوغ، لكن المجتمعات لاتزال كما هي، لكن الإنسان لا زال هو.

عوامل موجوده لا نستطيع إنكارها ولابد التخلص منها
 الآن واليوم تتحضّر الأرض لدخول عهد جديد، لتغيير مسارها ودخولها بُعداً ذبذبياً جديداً... طاقة الظلام تكاد تكبِت أنفاسها، واللهو والغفلة عن دين الله والغرق في الملذات والبعد عن الله وعدم الإقتداء بسيد البشر وآل بيته الطيبين الطاهرين محمد صلى الله عليه وآله وسلم في فكرهم وجهادهم وثباتهم يوم الكرية أدى الى إنتاج أناس من صفاتهم الإقتداء بالغرب  ومحاولة إستنساخ ثوراتهم وهي ثورات فاشله بإمتياز مما أدى الى بزوغ فئات كثيرة من سماتها الخضوع والخنوع  فهي تحتاج الى تطهير روحي  وصحوة كاملة، ما لم نصبح متمردين للحق، فلا أمل لنا في أن تستمر الحياة... ستكون أيامنا على الأرض معدودة. طالما روح التمرّد الروحي والحقيقيه المنبثقه من داخل الوجدان  مفقودة، فربما يتحول القرن الذي نحياه لمقبرة جماعية ترحمنا من أنفسنا ومن الظلم والقهر والإستعباد الذي نحياه.

علينا أن نفهم ونعي بأن الحرب لن تكون حلاً... ستقوم الحروب وسوف تُسفَك الدماء ... لكنها ليست المفتاح الذي سيفتح باب السلام... جميعها مجرد وسائل حتى تطهّر الأرض نفسها من كل أصحاب الميول العنيفة... حتى تُفسِح المجال لأصحاب القلوب الطاهرة النظيفة العفيفة. 

أين الحل إذاً؟
الحل الحكيم لأصحاب الصحوة والنخبة والصفوة يكون بخَلق مزيد من الحقول المغناطيسية الذبذبية التأملية، ذات الطاقة الروحية الإيجابية النورانية... وكيف نصنع هذه الحقول؟ بزيادة الوعي داخل كلّ منّا... أن يبدأ كل فرد منّا بتغيير نفسه، بالإرتقاء بطاقته على سلالم الوعي الروحي حتى يُطهِّر حقله الذبذبي المغناطيسي ويبثّ طاقة المحبة والسلام... فرد مع فرد مع فرد تبدأ الجماعة بالتكوُّن، وأفراد هذه الجماعة لديهم مناعة، ومناعتهم تتجلّى في حقول طاقتهم، ناصعة بيضاء تبثّ حقول عطِرة من ذبذبات المحبة والسلام. إن الكوارث والحروب التي تحدث إنما تحدث لأجل تدمير الإنسان القديم، تدمير قباحته ومعتقداته الرثّة البالية، تدمير فكره الذي قسّم الأرض وفرّق البشر عن بعضهم وميّز بينهم سواء عبر الطائفة أو المذهب أو الدين أو السياسة أو العرق أو الوطن أو.... تدمير غباء مؤسساته التي بناها على مرّ الدهور... وأصحاب الحروب سيذهبون ويرحلون مع الإنسان القديم فهُم مثله قدماء وإلا لما أقدموا على الحروب والإرهاب والفتن وسفك الدماء... كل هذا لأجل الترحيب بإنسان جديد... إنسان كالطفل الوليد... ينظر للوجود بعينين صافيتين بريئتين نقيّتين. إنسان جديد لا شأن له بالقديم ولا دعوة له بالتقليد... إنه التمرد.

ما هي الثورة؟
الثورة ليست سوى بقاء القديم مع إعطائه شكلاً جديداً... القديم يبقى... فكرة السياسة والحاكم والمحكوم والمؤسسات جميعها تبقى، لكنهم يأتون بإسم وعنوان جديد... لازال النظام بأبجدياته كما هو، أنت فقط تقوم بغسْله وتنقيته من غبار الماضي. أنت فقط تقوم بفتح أبواب ونوافذ جديدة، بتغيير ألوانه... ليس هذا فقط، بل بتأليف قصص جديدة تحلّق بأصحابها عالياً في السماء. لكن القديم لازال موجوداً، موجوداً لكنه خلف الشكل الجديد مختبئاً... لايزال هو حجر الأساس... الثورة امتداد للقديم لكن بشكل وعنوان ولون جديد.
التمرّد هو فصْل عن القديم
التمرّد وصْل مع العالم الغيبي الجديد الآتي من عالم بعيد
التمرد فصْل عن كل مشاكل المذاهب والطوائف والأديان، فصْل عن كل الأنظمة والتيارات والأحزاب السياسية، فصل عن الأنظمة والأعراف والعادات والتقاليد الإجتماعية والأساليب التربوية وكل الحماقات التي ارتكبها الإنسان على مرّ الزمان  والتي دمر بها المجتمعات ولوث بها القيم ولكنه منَحها أجمل عنوان.

فأن صح التعبير فلنقل ..التمرّد موت وقيامة
موت القديم وقيامة الجديد




قد تفشل الثورات في بعض الأحيان ويكون السبب فشل الثورات هذا...
على أيدي ثوّارها أنفسهم ... على أيدي أنصارها، فحالما تصل السلطة للأيادي، تتغير المواقف وتتبدل الأفكار... فيصبح الهدف الأول والأخير عندها، كيف نبقى في السلطة ولا نفارقها أبداً، وكيف نُبقي على الشعوب مُستعبدة لا وقت لديها لتفكّر بأي شيء ذو قيمة روحية.



كلمة أخير : إن المستقبل لا يريد مزيداً من الثوار
ولكن .... المستقبل بحاجة للمتمرد
للذي اختبر مقامات روحية وعلِم وتعلّم وشرب من كأس عوالم وأبعاد وعلوم إلهية
وحده هذا الإنسان حرّ
وحده سيغيّر شكل الأرض
وحده المُبشِّر بالنصر الأكيد على هذه الأرض



Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة